بريق الأمل عضو فعال
البلد :
الجنسية : جزائري
| موضوع: اقترابات من فهم مصطلحي الشورى والديمقراطية السبت أكتوبر 20, 2012 7:52 pm | |
| المعارضة, ليست فقط مجموعة صغيرة من الطلبة, بل هي مجموعة لا يستهان بها من الثوار والعامة. إن عدم الاعتراف بالنظام بين الشعب يزداد يوماً بعد يوم. لو يستمر الوضع هكذا فلا أحد يضمن لنا أن لا تكون نهايتنا الإقامة الجبرية". كلمات دينق ساوبينغ الأمين العام السابق للحزب الشيوعي الصيني والرجل القوي في النظام آنذاك وهو يعطي أوامره بإطلاق الرصاص على الطلاب المتظاهرين في ساحة السلام الأبدي ببكين سنة 1987 علي فودي | 01 جانفي 2006*عندما نتكلم عن هذا الموضوع الذي أصطنعه الإرهاب الفكري لا يخطر ببالنا أننا نطرح المشكلة من باب من كانت الأولى البيضة أم الدجاجة؟ بل من باب أين تبدأ الديمقراطية وأين تنتهي الشورى وهل المصطلحان من نفس الفصيلة؟الديمقراطية: تعني اصطلاحا حكم الشعب, وهي كلمة قديمة في التاريخ وكانت موجودة حتى قبل مجيء الإسلام, تداولها الفلاسفة الإغريق من الجانب النظري, في وقتنا الحاضر تعرف الدول الغربية ـ أغلبها ـ بأنها ديمقراطية ؛ لأنها تتبع طريقة الاقتراع والانتخاب الحر بدون غش ولا تزوير للنتائج, لتعيين ممثلي الشعب؛ إن كان هذا على مستوى البرلمان, مكان التشريع أو على مستوى السلطة التنفيذية, يعتبر الانتخاب الحر حجر الأساس للديمقراطية الذي منه ينطلق إلى بناءها ثم إلى المناقشة في شؤون الدولة وأحوال الناس وفق منهج الديمقراطية ذاته, وتعرف العملية الثانية بـ:"نناقش, نقرر, نطبق". أي أن عناصر الديمقراطية هي اثنين أو لنقول مراحلها في فترة تشريعية تنفيذية محددة:الأولى : الانتخاب الحر ؛ حيث يحق لكل من يملك الأهلية القانونية ـ المدنية ـ أن يختار من يمثله في شؤونه العامة وعلاقته والمحيط الاجتماعي (البلدية ـ الدائرة ـ الولاية ـ الدولة) وتُؤخذ الأغلبية؛ أي منة يحرز أكثر الأصوات يحق له أن يمثل المجموعة السياسية على مستوى معين والأغلبية قد يتحصل عليها صاحبها في الدور الأول, إذا حصل على 50% من الأصوات وقد يضطر إلى الدخول في منافسة ثانية للفصل الثاني, وهذا الذي يعتبر حجر الأساس.الثانية : ثلاثية (نناقش نقرر نطبق) : هي المرحلة الثانية من الديمقراطية. وفيها ينفذ ما من أجله قامت الانتخابات ويترجم على أرض الواقع كل برنامج سياسي اختير. فهنا تجد المناقشة مكانها ويقدر ما يتفق عليه ويطبق.الشورى : كلمة الشورى جاءت مع مجيء الإسلام وبعثة محمد ـ ص ـ رسولاً ورحمةً للعالمين. وفي القرآن الكريم توجد آيتين التي تبين بوضوح وصراحة وجوب الشورى. قال الله تعالى : " وشاورهم في الأمر" ـ الآية , خطاب موجه إلى الرسول الكريم ـص ـ لكي يشاور أصحابه في أي أمر دنيوي إن كان في الحرب أو في السلم. والشورى هنا ذات مفعول موجب قوي؛ لأنها تترك كل عضو في الجماعة (الأمة) يحس بأنه مهم ومفيد. ويقول سبحانه وتعالى في آية أخرى : "وأمرهم شورى بينهم" ـ الآية ـ والمعنيين في هذه الآية الكريمة هم أعضاء الجماعة, حيث أن الأمور لا يمكن أن تقرر إلا بعد المشاورة.فكلتا الآيتين الكريمتين تذكر الشورى صراحة, إحداهما في شكل خطاب موجه إلى الرسول محمد ـ ص ـ وما يعني آلياً أنه موجه إلى خليفة المسلمين بغض النظر عن الزمان والمكان الذي يتواجد فيه. والآية الثانية شملت الأمة جمعاء. فولي أمر المسلمين عليه أن يكون متفتحاً على رعيته ويتناقش معهم ولا يتردد في طلب المشورة منهم حتى وهو نبياً يوحى إليه ولا ينطق عن الهوى!.فلا أحد تأخذه العزة بالنفس ويقول أنا أعرف ولدي حلاً مطلقاً للمشكلة الآلية أو لقضية معنية ويطلب من الأمة أن تنفذ الأوامر وأنتهى. فغياب الشورى هنا حتى في حالة صواب رأي ولي الأمر ـ تُغّيب معها الحافز والاحساس بالمسؤولية. فعدم العمل بالشورى تفقد الثقة وتوسع الهوة بين الحاكم والمحكوم وهذا ما نستخلصه من الآية الاولى. والأية الثانية الأمر مفتوحاً, فهي خصت الأمة: "والذين يجتنبون كبائر الإثم والفواحش وإذا ما غضبوا هم يغفرون. والذين استجابوا لربهم واقاموا الصلاة وأمرهم شورى بينهم ومما رزقناهم ينفقون. والذين إذا أصابهم البغي هم ينتصرون" ـ الأية. أو لنقول الأصل في الأمة. فقد يكون أمراً يخص ولي الأمر, وقد يكون يخص تعيين أهل الحل والعقد, كأن يكون كذلك أمراً يخص مسألة من المسائل الدنيوية. فالشورى لتعيين "أهل الحل والعقد" أي البرلمان بلغة العصر ولتعيين "الرئيس والتوابع" في جزء من مهمتها.عند بعض المسلمين فالديمقراطية كفر وشرك, ولهذا لا يمكن أن تتبع كطريقة سياسية. ولاشك أنهم يعتمدون في رفضهم هذا على مايلي من الأسباب مجتمعة أو متفرقة:ـ أنهم يعتبرون ما يطلق عليه عندنا "ديمقراطية" هي الديمقراطية المصطلح, رغم أنه ليس صعباً أن نلاحظ بأن لا علاقة للاولى بالثانية.فهذه ديمقراطية الديكور ـ واجهة العرض للمجتمع الدولي وللاستهلاك الخارجي, وليس حتى للاستهلاك الداخلي, لأنه لا أحد من الشعب يؤمن بهذه الديمقراطية ـ والضحك على الشعب, مادامت الديمقراطية في معتقدهم لعبة. وهي ديمقراطية الديكتاتوريات الشمولية التي تلتقي هنا في: "من الواجب أن تظهر ديمقراطية, لكن لا بد أن يكون كل شيء في أيدينا!" مترجم هذا عن الأصل الألماني:Es muss demokratisch aussehen, aber wir müssen alles in der Hand haben ـ لا شك أن هناك خلط بين مفهوم الديمقراطية, ومفهوم الليبرالية كنوع من الإديولوجيا, عندما نقف ضد الديمقراطية المتبعة في الغرب, ويقولون بأن تطبيق شرع الله سبحانه وتعالى لا يمكن أن يترك إلى الديمقراطية وصراع الأحزاب والإنتخابات! ثم أن التشريع في حد ذاته إلهي "وما الحكم إلا لله" وليس من صلاحية وحق البشر.فالخطأ تم بناءاً على خلط بين الديمقراطية الوسيلة والممارسة التي لا تشرع ولا علاقة لها بالاديولوجيا [المفاهيمية], والإديولوجيا التي تشرع!, لأنها هي التي تحدد البرامج والنصوص القانونية.فالديمقراطية حتى عند الغرب لا تشرع ولا تقترح شيئاً له علاقة بالبرنامج السياسي, لكن اديولوجية حزب ما أو مجموعة سياسية معينة لها قناعة خاصة هي التي تقترح ديمقراطياً قانوناً أو تشريعاً.فإذا قلنا أن برلمان دولة معينة أباح عملية الإجهاض مثلاً في مجتمعه أو صوت بالسماح حدوثه, هل حدث هذا لأن الديمقراطية أمرت بذلك؟, كلا.. الذي تسبب فيه هو نظرة الأغليبة في البرلمان إلى القيم والأخلاق؛ وهي أغلبية تمثل قيم وأخلاق أغلبية الشعب. لأنه قد يكون في نفس الوقت وفي دولة غربية أخرى تتبع نفس الأسلوب الديمقراطي وبعملية ديمقراطية مماثلة يُمنع الإجهاض بتشريع.فلا أحد بين كيف أن الديمقراطية تخدش العقيدة (فهي شرك وبدعة وضلال), ماعدا هذه الحجة "وما الحكم إلا لله" التي ردّ عليها الإمام علي كرم الله وجهه, عندما رفعها الخوارج بقوله "حقيقة يراد بها باطل". وهم يريدون من خلالها (الحجة) تقييد حرية المشاركة لعامة المسلمين واستفزازاً لمخاليفهم حتى من الذين لا يقفون في طريق الحكم الإلهي عن طريق أهل الحل والعقد وأولياء الأمر منهم. وحتى يعطون من فرص لإقامة ديكتاتورية شمولية باسم الدين تستعبد العباد لهم وليس لله. ولا شك أنهم يعتبرون أن هذا من حقهم مادام الواحد منهم يعتقد بأنه المسلم الأفضل وجماعته هي الفرقة الناجية.والذي لا يمكن اختزاله عندما نتكلم عن الديمقراطية هو الشعب. فالشعب هو المشرع بما يعتقد. وحتى وفق نظام الشورى فهو كذلك. وحكم الشعب دون توضيح إضافي تبقى فكرة استشراقية أستغلوها بهدف فرض على الجنوب المسلم أفكار الشمال بدياناته المختلفة. ومثلما كانوا يوصفون هجرة الرسول "ص" من مكة إلى المدينة بـ "فرّ هارباً" بدون إضافة "بدينه". أي أن الرسول "ص" فرّ إلى المدينة بالدين والدعوة أو هاجر.فالشعب عن طريق ممثليه أهل الحل والعقد يشرع وهو يحكم عن طريق أولياء الأمر.ما حدث عندنا في الجزائر في الانتخابات البلدية 12 جوان 1990 وانتخابات البرلمان 26 ديسمبر 1991 بين أنه ليس المشكلة في عملية الديمقراطية, فالشعب رغم ظروف التجهيل التي سلطت عليه قرابة الثلاثين سنة, والديماغوجية التغريبية, كل هذا لم يمنعه من أن يختار أصحاب المشروع الاسلامي, إذن هذه الانتخابات كانت العملية السلمية الوحيدة والمنظمة للوصول إلى الحكم, ولا شك أنها كانت فريدة من نوعها.فالشعب عندما أعطيت له الفرصة عبّر بما يعتقد وقد أختار الأصالة وفترة الحرية كانت قصيرة. فإختزال الشعب عندما نتكلم عن الديمقراطية ونهمل قيمه ومعتقده, يجرنا إلى موقف إعتباطي ضد أسلوب الديمقراطية كوسيلة لا أكثر.نأتي لنستفسر عن جغرافية "الديمقراطية" ونقول: من حاول إظهار الديمقراطية كمنتوج غربي؟ حتى نمارس هذا الإنسحاب بناءاً على مفاهيم وخلط في التقدير وننهزم أمامه ونحشر أنفسنا في الزوايا الضيقة؟فالغرب ذاته تناحر وتقاتل في حروب قبلية عقدية عرقية وحكمته إمبراطوريات وديكتاتوريات شمولية قبل أن يستنجد بالديمقراطية لحل مشاكله بالطرق الحضارية خاصة وأنه وجد في طرقها الإستقرار والقضاء على الظلم المفسد للذوق وروح التنافس.والغرب عمل بأساليب الديمقراطية في وقت كان لا وجود لنا ككيان مستقل أو بمعنى آخر كنا نرضخ تحت الإستعمار, حتى إذا تخلصنا قليلاً من ضغوطاته وجدنا من أبناء جلدتنا من يمارس أساليب غير حضارية في حكم شعبه ويرفض الإختيار الحر, ثم يتباهى بأنه ديمقراطي وغيره فاشي.نستخلص من الذي سبق أن الموقف من الديمقراطية غامض ومبهم, خاصة في ظل الموقف الآخر الغامض من الشورى. لأن كل ما نسمعه عن الشورى, سوى هذا الإلحاح على ضرورة العمل بها وإيجابياتها (وهذا مرغوب فيه شعبياً) ونسمع من جهة ثانية بأن لها مجلس, إن كان هذا من قبل بعض الحكومات التي تستعمل هذا للمراوغة أو حتى من قبل بعض الحركات الإسلامية التي تحشرها داخل إطار ضيق يصبح مع الوقت مبتعداً عن القاعدة. فعندما يقال برفض الديمقراطية وعدم تقديم البديل الحضاري {والبديل الحضاري موجود نظرياً ويحتاج إلى ممارسة فعلية}, معناه تقديم مساعدة للأعداء سواء اكانوا في الداخل أو في الخارج على إيجاد الحجة في طي كتمان الإضطهاد والتهميش والوقوف بحزم ضد كل مشروع يحاول فرض عدالة الإسلام ومنهجه.وإذا رفضت الديمقراطية بدون تقديم البديل الحضاري وتوضيحه فهذا يعني آلياً أنها دعوة لفرض الديكتاتورية. والديكتاتورية منهج منبوذ ومحتقر من قبل كل الشعوب ولا أحد لديه الإستعداد أن يكون عبداً لغيره من البشر.وفي المقابل للبعض الذي يقول بشركية الديمقراطية, يقف الطرف الثاني يحاول إبراز الديمقراطية كإديولوجيا.فالأقليات الأديولوجية في الجزائر (العلمانيون, الشيوعيون, والإنهزاميون الوصوليون), بعد أن هزمتهم ديمقراطية (حكم الشعب) راحوا يطلقون على الديمقراطية صفات لا علاقة لها بها, وهم مستمرون في فرض هذه المغالطة التي نعيشها وهي في الحقيقة أكبر مغالطة في تاريخ الإسلام وعلى أرضه, تلك التي تقدم الديمقراطية (حكم الشعب) وهي الممارسة والوسيلة كإديولوجيا (المفاهيمية) وهي العقيدة والغاية؛ ديمقراطية تختلف مع اديولوجية الإسلام, فقط لأن مع قدومه أعطاها مصطلح آخر حملت معه إمتيازات جديدة وإلتزامات أخلاقية أكثر مسؤولية. والأسوأ ـ الذي نحصد نتائجه الآن ـ المترتب على هذا باعتقاد البعض أنه لا بد أن يحمون هذه الديمقراطية ـ الإديولوجيا ـ بديكتاتورية عسكرية شمولية متعفنة التي قامت على أنقاض الديمقراطية الإصطلاح ليرفضوا بهذا المصطلح الجديد أو الشورى التي هي رمز من رموز الإسلام وقيمه!.فالديمقراطية ولكي نختصر ما تقدم هي حكم الشعب الذي يشرع بما يعتقد, إن كان هذا الشعب الجزائري أو الشعب الفرنسي أو الشعب الألماني أو شعباً آخراً, والديمقراطية لا تشرع ولا تصدر قوانين.وفي اعتقادي الصراع لا يدور حول ثنائية الديمقراطية والشورى, بل حول الاديولوجيا, هنا يكمن الإختلاف ولب الصراع.فالصراع يحّور دائماً عن طريق الإعلام وجهة أخرى بحيث يفقد معها المعنى والمقصد.يقول المفكر مالك بن نبي رحمه الله:ـ "... ومما يذكر عن أهل بيزنطة في أعز إنحطاط حضارتها, أنهم كانوا يتجادلون في جنس الملائكة هل هم ذكوراً أم إناثاً, ونحن إذا ما تورطنا في الميتافيزقيا سوف نتجادل في جنس الإستعمار هل هو ذكر أم أنثى...", وبناءاً عليه سوف نتجادل في "جنس حكم الشعب هل هو ديمقراطية أم شورى؟!, رغم أن صراع لا يدور حول هذا النوع والجنس.وأتسائل: إذا كان حكم الشعب بدعة وضلال, هل حكم الفرد إذن من الإسلام؟ أم ماذا؟!نعم .. هل لم يحن الوقت بعد لكي نتخلى عن هذه السذاجة التي رافقت مسيرة بعض الحركات التي تريد تحكيم الإسلام؟.علينا أن ننظر للقضية من هذه الزاوية:إذا خير الشعب بين حكم الخالق سبحانه والمخلوق فسيختار حكم الله بدون تردد. وإذا خير بين حكم الجماعة [الشعب] وحكم الفرد ـ الدكتاتوريات المختلفة, فسيختار حكم الجماعة. وإذا خير بين الشورى والديمقراطية فسيختار الشورى. هذا الأصل في القضية, والتظاهر بالغباء لا يبني دار ولا يعمر دوار!. | |
|
منير07 عضو ماسي
البلد :
الجنسية : جــزائــري
| موضوع: رد: اقترابات من فهم مصطلحي الشورى والديمقراطية الثلاثاء ديسمبر 04, 2012 12:08 pm | |
| | |
|