[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]حين تزوّج عليها أخرى واحتجّت ؛
ردّ بأنه يمارس حقّه المشروع، وأن الله تعالى يقول: (فَانْكِحُوا مَا
طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ) [النساء:3]
وحين
خانها واكتشفته اعتذر بأنه يمارس بشريته، وأن الخطأ في طبع ابن آدم، وكل
ابن آدم خطاء ، وهو قد لا يدرك أن المقصود هنا بابن آدم، جنس الإنسان،
ذكراً أو أنثى، فالخطأ ليس له جنس, وليس هذا حكرا عليه, فهل كان يقبل منها
ما يريد أن تقبله منه؟
وحين يغضب يردد بأنها كبرياء الرجولة، وضغوط العمل، وتكاليف الحياة.
وحين
تغضب هي وتطيح بإفضالاته ومواقفه النبيلة؛ تعذّر لنفسها بأنها الأنوثة،
والغيرة، والفطرة، والطبيعة. حقاً؛ فإن الإنسان خلق ظلوماً، جهولاً،
عجولاً، نسياً، متقلباً.. إلخ.
وحقاً ؛ فإن الرجل له تكوينه الخاص؛ النفسي والتشريحي والعقلي.
وحقاً ؛ فإن للمرأة تكوينها المختلف؛ العقلي والجسدي واللغوي والعاطفي، وليس الذكر كالأنثى.
لكن
إلى أي مدى نستسلم لهذا الطبع ونسترسل وراء دواعيه، ونعتذر به، وكأن
مقاومته حرام، أو التمرد عليه خطأ، أو أننا خلقنا لنسايره دون تمنّع أو
وعي.
أليس من المشهود أن أبناء الجنس الواحد، الذكور أو الإناث يختلفون ويتفاوتون تفاوت الليل والنهار، والماء والنار.
وَالناسُ أَلفٌ مِنهُمُ كَواحـِدٍ وَواحِدٌ كَالأَلفِ إِن أَمرٌ عَنـا
الطبع
قاسم مشترك يشكل أصل الخِلقة، بيد أن الفروق الفردية لهذه الأنثى عن تلك
كبيرة، في التفكير والعقل، في الشكل والمظهر، في العاطفة والإحساس، في
طريقة التعاطي مع القضايا والمستجدات..
وهذا بعينه في عالم الذكور.
وفي
الشعب الواحد قواسم مشتركة؛ من غلبة الشدة والقسوة، أو اللين والرحمة،
وظهور النظافة والذوق الرفيع أو ضده، والسلوك الحضاري أو المتخلف، وهذا
ليس مانعاً من تفاوت أفراده فيما بينهم, وتنوعهم إلى طبقات وفئات ودرجات.
ثمت خيط رفيع تجب ملاحظته ، فتجاهل الطبع الخاص، أو التكوين يفضي إلى صدام ومشكلات وقلق وفشل في العلاقات, وهو ما نعانيه كثيرا.
لكن
تحول معرفة الطبع إلى مظلة نحتمي بها من التوجيه والتصحيح والنقد
الموضوعي، ونستعصي على الاستدراك والملاحظة، حتى حين تصدر من ذواتنا؛ فهو
مشكلة أخرى لابد من معالجتها؛ يقول ربنا سبحانه: (وَأَمَّا مَنْ خَافَ
مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى) [النازعـات:40]
الهوى
هنا جبلّة في النفس، وليس المطلوب بَتْره أو القضاء عليه، ولكن هذا ليس
يفضي إلى مجاراته واتّباعه، بل هناك مجاهدة للنفس عن الهوى (وَالَّذِينَ
جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ
الْمُحْسِنِينَ) [العنكبوت:69]
وكان عمر بن عبد العزيز -رحمه الله- يقول: (ألذ الأشياء هوى وافق شرعاً)
النظر
إلى الطبع على أنه خطيئة؛ يُولّد الإحساس بالكبت والتنكر للفطرة,
والانحراف عن صراط الأنبياء . والنظر إلى الطبع على أنه شريعة تُتّبع؛
يُولّد هو الآخر انحرافاً وقدريّة واستسلاماً ؛ يوصل إلى رفض كل محاولات
التعديل والإصلاح داخل النفس أو خارجها.
والأمر
موقوف على رحمة الله وتوفيقه وهدايته للإنسان، ليكون ملاحظاً لمشاعره
وأحاسيسه، كاشفاً لدخائلها، مدركاً لدوافعه الحقيقية، غير مخادع لنفسه ولا
لغيره. (وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا) [فصلت: 35]، والله
المستعان.