الأزمة السورية تنعكس على لبنان
هيمنت الأزمة السورية والأحداث في لبنان على المواضيع الدولية التي تناولتها الصحف البريطانية الصادرة الثلاثاء. إلا أنها مع ذلك غطت مواضيع شرق أوسطية أخرى من التوتر بين الإسلاميين والعلمانيين في تونس، إثر مقتل سياسي علماني في تطاوين، إلى اعتقال السلطات الأردنية لأحد عشر شخصا "مرتبطا بتنظيم القاعدة"، إلى رفض السلطات القضائية الإيرانية طلب الرئيس أحمدي نجاد زيارة مستشاره في السجن.
العنوان الرئيسي في صحيفة الغارديان ليوم الثلاثاء كان حول مضاعفة بريطانيا لعدد الطائرات المقاتلة بدون طيار في أفغانستان والتي سوف تدار عن بعد من قاعدة ودينغتون في مقاطعة لينكونشير في بريطانيا. ويقول الخبر الذي تنفرد الغارديان بنشره إن خمس مقاتلات بريطانية جديدة، أمريكية الصنع، سوف ترسل إلى أفغانستان لاستهداف المتمردين في ولاية هلماند الأفغانية، ليكون العدد الكلي للمقاتلات الأمريكية بدون طيار هناك عشر مقاتلات.
أما الصفحة الدولية للصحيفة فيتصدرها موضوع الاحتجاجات الشعبية اللبنانية المطالبة باستقالة رئيس الوزراء نجيب ميقاتي، الذي يتهم بأنه موال للنظام السوري، على خلفية اغتيال المسؤول الأمني اللبناني وسام الحسن. ويقول التقرير الذي حمل عنوان "المعارضة اللبنانية تدعو المشاغبين إلى الذهاب إلى المنازل" إن زعيم المعارضة سعد الحريري وباقي قادة تجمع الرابع عشر من آذار صعّدوا من حملتهم لإجبار ميقاتي على الاستقالة زاعمين أن وجوده في السلطة خلال الثمانية عشر شهرا الماضية قد أعطى غطاء سياسيا للنظام السوري الذي يتهمونه بالوقوف وراء اغتيال الحسن.
ويضيف التقرير أن قادة المعارضة يواصلون هجومهم على الرئيس السوري بشار الأسد ويقولون إن اغتيال المسؤول الامني اللبناني هو محاولة مقصودة لتصدير أزمة الحرب الأهلية السورية إلى بقاع أخرى في المنطقة، بما في ذلك لبنان والاردن. وفي الوقت نفسه فإن التقرير ينقل عن وزير الإعلام السوري إدانته لعملية الاغتيال التي وصفها بأنها "عمل جبان"، بينما يصفها التقرير بأنها الأكثر أهمية منذ اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري عام 2005.
وينقل التقرير عن وزير لبناني سابق قوله إن تفجير هدف من أهداف تجمع الرابع عشر من آذار (والمقصود هنا اغتيال المسؤول الأمني اللبناني وسام الحسن) كان متوقعا وإنه السبب الذي جعل سعد الحريري يغادر الساحة اللبنانية ويبقى متنقلا بين السعودية وباريس. ويضيف الوزير السابق: " لقد قال بشار الأسد قبل 12 شهرا إنه "إذا ما احترقت دمشق، فإن باقي المنطقة سوف يحترق". لقد كان مصمما على أن يفعل ذلك وها هو قد فعلها الآن".
وفي الموضوع نفسه والصحيفة نفسها، يكتب سايمون تيزدل تحليلا تحت عنوان: "مفتاح بقاء الأسد هو الحرب الأوسع" قال فيه:
"إن اغتيال المسؤول الأمني اللبناني، اللواء وسام الحسن، قد أثار المخاوف من أن النظام السوري المحاصر، يحاول الآن أن "يدوِّل" الحرب الأهلية في سوريا كوسيلة لضمان بقائه في السلطة".
ويضيف تزدل قائلا: "إن الرئيس بشار الأسد يرفع الثمن الذي سيضطر إلى دفعه جيرانه المعادون له، وكذلك الدول الرئيسية الأخرى، مقابل الإطاحة به عبر إشعال حرب في المنطقة، قال عنها المبعوث الدولي، الأخضر الإبراهيمي، إنها قد تستعر في عموم المنطقة إذا ما انفلت العنف في سوريا وخرج عن السيطرة".
ويقول تيزدل إن اللوم في اغتيال الحسن "يقع بالدرجة الأولى على حزب الله اللبناني الشيعي، الذي هو القوة العسكرية الأكبر في لبنان والمدعومة من قبل إيران". ويضيف "إن اغتيال الحسن يذكَّرنا بأن دمشق لا تزال تمتلك القدرة على زعزعة استقرار لبنان، الذي كان يوما تابعا لها".
أما صحيفة الفاينانشال تايمز، التي تركز في العادة على الشؤون الاقتصادية، فقد خصصت مساحة مهمة للموضوعين السورين واللبناني، كما أفردت تقريرا عن تشكيل مجموعات شعبية مسلحة مساندة للنظام في سوريا في التجمعات السكانية الكبيرة كمحاولة لحماية السكان المدنيين والاقليات الدينية وغيرها من الصراع الذي بدأ يحيط بها، خصوصا بعد التفجير في منطقة باب توما ذات الأغلبية المسيحية. وتنقل الصحيفة عن عدد من السكان قولهم إن مسلحين من سكان الأحياء الدمشقية بدأوا يتعاونون الآن مع قوات النظام في حفظ الأمن.
وتفرد الصحيفة تقريرا مفصلا عن تأثير الأزمة السورية على الأردن بعد مقتل جندي أردني في مناوشات مع المقاتلين الإسلاميين الذين يريدون العبور إلى سوريا. وتقول الصحيفة إن الاحتقان في الأردن يشير إلى أن المعركة بين الرئيس السوري بشار الأسد والثائرين على نظامه بدأت تؤثر على البلدان الأخرى في المنطقة. وتشير الصحيفة إلى أن السلطات الأردنية القت القبض على أحد عشر شخصا واتهمتهم بالارتباط بالقاعدة والتخطيط لشن هجمات على مراكز التسوق والسفارات الغربية في عمان.
كما تنشر الجريدة تقريرا عن التوتر في تونس بعد مقتل سياسي علماني في تطاوين إثر اصطدام الإسلاميين المقربين من حزب النهضة التونسي، الفائز في انتخابات العام الماضي، وبين العلمانيين المنتمين إلى حركة نداء تونس. وتذكر الصحيفة أن خمسة آلاف علماني تجمعوا في نهج (شارع) الحبيب بورقيبة في العاصمة تونس، الذي كان معقل الاحتجاجات التي أطاحت بالدكتاتور السابق زين العابدين بن علي في العام الماضي، للاحتجاج على مقتل السياسي العلماني لطفي نقد الذي ينتمي إلى حركة نداء تونس، والذي اعتبرته الصحيفة "أول اغتيال سياسي في تونس منذ الثورة".
وردد المحتجون شعارات "لا خوف ولا رعب، السلطة للشعب"، و "لا للدكتاتورية القادمة" و "لا للدكتاتورية الدينية"، كما رددوا شعار الربيع العربي المعروف "الشعب يريد إسقاط النظام". ويختتم التقرير بالقول إن حزب النهضة يخضع لضغوط جمة، من المتشددين السلفيين الذين يريدون فرض الشريعة الإسلامية، من جانب، ومن المعارضة العلمانية المصممة على منع حدوث ذلك، في الجانب الآخر.
أما صحيفة التايمز فقد نشرت تقريرا ضمن صفحتها للشؤون العالمية حول منع السلطات القضائية الإيرانية الرئيس الإيراني، محمود أحمدي نجاد، من زيارة مستشاره ومدير وكالة "إرنا" الإيرانية الرسمية للأنباء، علي أكبر جوانفقير. وقالت الصحيفة "إنه يكفي إهانة للرئيس الإيراني أحمدي نجاد أن يُعتقَل مستشارُه الإعلامي أثناء سفره إلى نيويورك لحضور جلسات الجمعية العامة للأمم المتحدة، إلا أن النظام الإيراني قد ضاعف الإذلال الموجه للرئيس عبر منعه من زيارة جوانفقير في سجنه".
وذكرت الصحيفة أن نجاد احتج إلى رئيس السلطة القضائية، صادق لاريجاني، وهو أخ رئيس البرلمان، علي لاريجاني، على منعه من زيارة مستشاره، وقد تسلم جوابا من المدعي العام الإيراني، غلام حسين محسني-إيجي، يعزو سبب المنع إلى "أن الرئيس يجب أن يركز جهوده على حل المشاكل التي يعاني منها الاقتصاد الإيراني بدلا من زيارة السجن الذي لم يهتم به يوما خلال السنوات السبع الماضية من رئاسته"! وترى الصحيفة أن منع الرئيس من زيارة مستشاره في السجن دليل على تراجع سلطته في الأشهر الثمانية الأخيرة من رئاسته.
وفي صحيفة الديلي تلغراف هناك تقرير مفصل عما سمته الصحيفة بـ "خطة لخلق مذبحة في بريطانيا تفوق ما أحدثته تفجيرات 7/7" عبر ثمانية تفجيرات انتحارية خططت لها القاعدة. وتنشر الصحيفة صور الجهاديين الثلاثة المرتبطين بتنظيم القاعدة والذين يحاكَمون حاليا، عرفان خالد، وعرفان نصير وعاشق علي، وهم مسلمون بريطانيون من مدينة بيرمنغهام، وتقول إنهم كانوا يخططون لتفجيرات كبيرة تماثل 9/11 في نيويورك وواشنطن عام 2001 لأن "تفجيرات السابع من تموز/يوليو عام 2005 في لندن، لم تكن كافية" حسب ما ذكروا أثناء المحاكمة.
وتفصِّل الصحيفة الطرق التي كان سيستخدمها المتهمون الثلاثة لو كانوا قد مضوا في خطتهم، لإحداث ما سمته بـ "موت جماعي" في بريطانيا، وشملت تلك الطرق تفجيرات بسيارات مفخخة واستخدام سلاح "أي كي 47" واستخدام السموم، وربط شفرات حادة بعجلات السيارات والانطلاق بها وسط جموع الناس".
ختاما، تنشر صحيفة الديلي تلغراف في إحدى صفحاتها دراسة غريبة بعض الشيء أجريت في الولايات المتحدة. وتكشف الدراسة أن احتمالات وفاة الرجال سريعا بعد فقدان زوجاتهم أكثر بنسبة الثلث من وفاة النساء اللائي يفقدن أزواجهن. وكشفت الدراسة أن النساء لا يعانين من مخاطر الوفاة بعد الترمل بل هن عادة ما يعشن طويلا بعد وفاة أزواجهن ويتمتعن بحياة أكثر استقلالا ويتكيّفن للحياة المنفردة.
وتنقل الصحيفة عن البروفيسور خافير إسبينوسا، من معهد روجستر التكنولوجي الأمريكي، قوله إن "الرجال في الأغلب يفاجؤون بوفاة زوجاتهم وعندما تحصل الوفاة فهم يفقدون الشخص الذي يقدم لهم العناية الجسدية والعاطفية مما يؤثر على صحتهم، بينما هذه الآلية تكون أضعف عند النساء عند موت أزواجهن".