أوصاف الرسول صلى الله عليه وسلم

"من رآني فقد رآني" صدق رسول الله صلي الله عليه وسلم وطوبي لمن كتبت لهم ورأوه في منامهم، ولمن لم يحظوا بهذا عكفنا علي مجموعة من كتب الأثر نرصد قبسا مما ورد في وصفه مما اتفق عليه ربما ليشكل ما نورده هاجسا للتمني لدي كل من يقرأه ذلك النبي الأمي معلم البشرية.
وجهه أبيض مشرب حُمرة
ففي كتاب "البداية والنهاية" لابن كثير نقف علي الكثير من الروايات الموثوقة لبعض ممن كانوا مقربين إليه ومن بينهم السيدة عائشة، مع إبداء العذر لعلماء الحديث الشريف للاستغتاء عن رهط الرواة وصولا للراوي الأساسي الذي نقلت عنه الأوصاف بالكثير من العنعنات (عن فلان عن فلان) لأن ذلك قد يستغرق منا المساحة الأعظم دون بلوغ الهدف المنشود والغاية المرجوة، وكان ابن كثير قد اعتمد في أكثر ما أورده علي كتاب الشمائل "لأبي عيسي محمد بن عيسي بن سورة الترمذي" غير أن حقق له الكثير من الإضافات الأخري من عيون الأثر الشريف الأخري.
وفيما ذكره البخاري نقلا عن رواة انتهي بهم لدي أبي إسحاق الذي سمع البراء بن عازب يقول إن النبي كان أحسن الناس وجها، وأحسنهم خلقا ليس بالطويل البائن، ولا بالقصير، ونقلا عن نفس الرواة المزيد من الإضافات مثل "مربوعا بعيد ما بين المنكبين، له شعر يبلغ شحمة أذنيه" وأضاف الراوي ذاته قائلا: "رأيته في حلة حمراء لم أر شيئا قط أحسن منه، وهذه رواية أخري تتفق مع سابقتها حيث قال الإمام أحمد: حدثنا وكيع عن أبي إسحاق عن البراء "إن جمته لتضرب إلي منكبيه" الذي قال في رواية ثالثة إنه سئل إذا ما كان وجه رسول الله كالسيف قال: لا بل مثل القمر، كما سئل جابر بن سمرة أكان وجه رسول الله كالسيف فأجاب: لا بل مثل الشمس والقمر مستديرا.
مفلج الأسنان نظيفها
كما رواه مسلم والإمام أحمد، وعن نفس المصدر (أي جابر بن سمرة) إنه قال: "كان رسول الله قد شمط مقدم رأسه ولحيته، فإذا أدهن ومشطهن لم يبنا، وإذا شعث رأسه تبين، وكان كثير الشعر واللحية" وأضاف: "ورأيت خاتمه عند كتفه مثل بيضة الحمامة يشبه جسده" وفي صحيح البخاري عن كعب بن مالك في حديث التوبة قال: "وكان رسول الله (ص) إذ سُر استنار وجهه كأنه قطعة قمر".
وعن لون بشرة رسول الله (ص) قال البخاري نقلا عن أنس بن مالك إن الرسول كان ربعه من القوم ليس بالطويل ولا بالقصير، أزهر اللون ليس بأبيض أمهق ولا بآدم" إلي قوله "أنزل عليه وهو ان أربعين، فلبث بمكة عشر سنين ينزل عليه، وبالمدينة عشر سنين، وليس في رأسه ولحيته عشرون شعرة بيضاء، قال ربيعة: فرأيت شعرا من شعره فإذا هو أحمر فسألت فقيل أحمر من الطيب.
وعن أنس أيضا أنه قال:"وكان إذا مشي تكفآ وكان أسمر اللون، وفي رواية أخري أنه كان أبيض بياضه إلي السمرة، وقالوا إن السمرة جاءته من كثرة أسفاره وبروزه للشمس.
مؤجج الحاجبين أهدب
غير أن أكثر الروايات قد اتفقت علي بياض وجهه (ص) ومنها هذه الرواية التي نحرص علي ذكر رواتها جميعا فقد قال يعقوب بن سفيان: حدثني عمرو بن عون وسعيد بن منصور قالا: ثنا خالد بن عبدالله بن الجريري، عن أبي الطفيل قال: رأيت النبي (ص): ولم يبق أحد رآه يري فقلت له صف لنا فقال: كان أبيض مليح الوجه، ورواه مسلم عن سعيد بن منصور به، ورواه أبو داود من حديث سعيد بن إياس الجريري عن أبي الطفيل عامر بن وائلة الليثي قال: "كان رسول الله (ص) أبيض مليحا، إذا مشي كأنما ينحط في صبوب" وقيل إن الحسن بن علي كان يشبهه، وكان جسده شديد البياض، وقد رأي سراقة بن مالك ساقه أنه لما دنا منه وهو علي ناقته فقال: "جعلت أنظر إلي ساقه كأنها (جمارة) أي طلع النخل.
وهذا يتفق مع رواية أبي هريرة الذي وصف لون بشرة الرسول بأنها شديدة البياض، والذي وصف مشيته أيضا بقوله: "ما رأيت أحدا أسرع في مشيته من رسول الله (ص) كأنما الأرض تُطوي له، إنا لنجهد أنفسنا، وإنه لغير مكترث" وهذه الرواية تتفق مع ذكركه الرمذي عن قتيبة عن أبي لهيعة، والتي جاء فيها أيضا كأن الشمش تجري في وجهه.
وفي رواية منقولة عن علي بن أبي طالب. بدأت بالمسعودي عن عثمان بن عبدالله بن هرمز، عن نافع بن جبير عن علي كرم الله وجهه إنه قال: كان رسول الله مشربا وجهه حُمرة".
وهناك روايات مماثلة متفقة مع هذه الرواية وقد أُلحقت به عبارة مضافة جاء فيها "وما تحت الثياب فهو الأبيض الأزهر".
مقرون الحاجبين
هذا عن طوله ولون بشرته وشعره، أما عن باقي تفاصيل ملامح وجهه فقد وردت فيه الكثير من الروايات المتماثلة المتفق عليها والقليل جدا في المختلف عليه وعن الروايات التي تقترب من صفة الإجماع فهي كثيرة نستخلص منها الصفات الرئيسية المحددة لملامحه (ص).
ونبدأ بما قاله الإمام أحمد إذ قال: حدثنا عفان وحسن بن موسي قالا عن عبدالله بن محمد بن عقيل عن محمد بن علي عن أبيه إنه قال: كان رسول الله (ص) ضخم الرأس عظيم العينين أهدب الأشفار مشرب العينين بحمرة، كث اللحية، أزهر اللون، إذا مشي كأنما يمشي في صعد، وإذا التفت التفت جميعا وقد تفرد أحمد بهذا الحديث، رغم وجود صياغات مختلفة لأحاديث أخري اتفقت معه في الرواية.
ومن هذه الروايات التي تضيف المزيد من الأوصاف علي الرسول.. وتزيد ملامحه تفصيلا.
أسود الشعر عريض الجبهة كبير المفاصل
إن محمدا بن سعد قال عن الواقدي: حدثني عبدالله بن محمد بن عمر بن علي بن أبي طالب عن أبيه عن جده، عن علي قال: "بعثني رسول الله (ص) إلي اليمن، فإني لأخطب يوما علي الناس وحبر من أحبار اليهود واقف في يده سفر ينظر فيه فلما رآني قال: صف لنا أبا القاسم، فقال علي : ليس بالقصير ولا بالطويل البائن، وليس بالجعد ولا بالسبط، هو رجل الشعر أسوده، ضخم الرأس مشربا لونه حمرة، عظيم الكراديس، شثن الكفين والقدميين، طويل المسربة (أي الشعر الواصل من أعلي الصدر إلي البطن) أهدب الأشفار، مقرون الحاجبين، صلت الجبين، بعيد ما بين المنكبين، إذا مشي تكفأ كأنما ينزل من صبب، قال علي ثم سكت فقال لي الحبر: وماذا؟ فقال علي: هذا ما يحضرني فسأله الحبر: في عينيه حمره، حسن اللحية، حسن الفم تام الأذنين، يقبل جميعا ويدبر جميعا؟ فقال علي: والله هذه صفته قال الحبر وماذا؟ قال علي: وما هو؟ قال الحبر فيه جناء" قال علي: هو الذي قلت، فقال الحبر فإني أجد هذه الصفة "الصفات" في سفر آياي وفي حديث آخر أن علياّ أضاف قائلا: "وكان أسود الحدقة" و "أدعج العينين" أي شديد سواد العين مع سعتهما، كما اتفقت أكثر من رواية علي حُمرة في بياض العين، فضلا عما ورد من صفات أخري مثل أسبل الخدين، وكان كأنما صيغ من فضة، ضخم الساقين، عظيم الساعدين ضخم العضدين والمنكبين بعيد ما بينهما، رحب الصدر حسن الفم واللحية، دقيق الأنف دقيق الحاجبين ومن عند نحره إلي سرته شعر كالخيط الممدود "دقيق المسرُبة" وعن شعره، أنه ثبت في الصحيحين من حديث الزهري عن عبيدالله بن عبدالله عن ابن عباس، قال: "كان رسول الله يحب موافقة أهل الكتاب فيما لم يؤمر فيه بشيء، وكان أهل الكتاب يسدلون شعرهم، وكان المشركون يفرقونه فسدل رسول الله (ص) ثم فرق بعد".
يقص شاربه ولحيته بمقص
وعن عائشة أنها قالت:"أنا فرقت لرسول الله رأسه صدعت فرقه عن يافوخه، وأرسلت ناصيته بين عينيه" وكان الرسول يضرب شعره إلي منكبيه، وفي روايات أخري إلي أنصاف أذنيه.
وكان ضخم الكفين والقدمين، ولم يكن هناك ما هو ألين من كفيه، وكان كثير العرق علي حد رواية أنس بن مالك، وعن ابن لأبي هالة التميمي أن الرسول كان مفاض الجبين أي واسع الجبين أزج الحواجب سوابغ في غير قرن بينهما عرق يدره الغضب، أقني العرنين، له نور يعلوه يحسبه من لم يتأمله أشم سهل الخدين ضليع الفم أشنب مفلج الأسنان".
كما روي عن ابن عباس أنه قال: كان رسول الله (ص) أفلج الثنيتين، وفي حديث آخر أنه كان لا يضحك إلا تبسما، وفي رواية عن علي بن أبي طالب: كان أبيض اللون مشربا حُمرة، أدعج العينين سبط الشعر دقيق المسرُبة سهل الخد، كث اللحية، ذا وفرة كأن عنقه إبريق فضة له شعر من لبته إلي سرته، كالقضيب ليس في بطنه ولا صدره شعر غيره، شثن الكفين والقدم (أي ضخمهما) إذا مشي كأنما ينحدر من صبب".
وفي إضافة من عبدالله بن مسعود أنه كان "أقني الأنف برّاق الثنايا" وفي "مستدرك تاج العروس"، ولريح عرقه أطيب من المسك الأزفر، وكأن عرقه في وجهه اللؤلؤ" وفي إضافة أخيرة لملامح وجهه وجسده "حسن الجسم دقيق الأنف دقيق الحاجبين".
وفيما يشبه الصفات التجميعية لجملة من الروايات بين "تاج العروس"و "الغريب" و"البخاري".
بعيد بين المنكبين عظيم المفاصل
إن عليا بن أبي طالب حينما كان ينعت رسول الله كان يقول: "لم يكن بالطويل الممغط، ولا بالقصير المتردد، وكان ربعة من القوم، ولم يكن بالجعد القطط، ولا بالسبط ولم يكن بالمطهم ولا المكلثم، وكان في الوجه تدوير أبيض مشربا، أدعج العينين أهدب الأشفار جليل المشاش والكتد، أجرد ذا مسربة، شثن الكفين، والقدمين، بين كتفيه خاتم النبوة، أجود الناس كفا، وأرحب الناس صدرا، وأصدق الناس لهجة، وأوفي الناس ذمة، وألينهم عريكة، وألزمهم عشرة، من رآه بديهة هابه، ومن خالطه معرفة أحبه.. ويقول الواصف المتحدث هنا لم أر قبله ولا بعده مثله وقد فسر الأصمعي بعض ما جاء في هذه الرواية وكذلك الكسائي.. وأبو عمرو.. فقالوا المطهم أي الممتلئ الجسم، والمكلثم أي شديد تدوير الوجه يعني لم يكن بالسمين الناهض، ولم يكن بالضعيف بل كان بين ذلك، فلم يكن وجهه بالغ التدوير بل فيه سهولة، أما جليل المشاش فهي تعني عظيم رؤس العظام "أي المفاصل كالركبتين والمرفقين والمنكبين أما الكتد فهو الكاهل وشثن الكفين والقدمين أي غليظهما.. وتقلع في مشيته أي شديد المشية.
وفي "طبقات" ابن سعد: أنه روي عن عائشة أنها قالت: "كان رسول الله لا يسرد سردكم هذا، يتكلم بكلام فصل، يحفظه من سمعه وفي نفس الكتاب، وعن جابر بن عبدالله أنه قال: "كان في كلام رسول الله ترتيل وترسيل" وقد وردت هذه الرواية في السنن الكبري أيضا.
يدهن شعره بالدهن ويفرقه
وفي الطبقات أيضا وعن الراوي ذاته أن:"رسول الله كان إذا خطب الناس أحمرت عيناه، ورفع صوته، واشتد غضبه كأنه منذر جيش".
وكان لا يلتفت إذا مشي حتي وإن علق رداءه بالشجرة" وعن أبي هريرة قال: "كنت مع رسول الله في جنازة فكنت إذا مشيت سبقني فالتفت إلي رجل إلي جنبي فقلت تطوي له الأرض وخليل إبراهيم"ز
وفي كتاب محمد رسول الله تأليف إيتين دينييه وسليمان بن إبراهيم، ترجمة عبدالحليم محمود نجد تأكيدا لصفات وتفسيرا لأخري، وإضافة لثالثة، وقد ورد في هذا الكتاب في صفات رسول الله (ص) ونوردها إجمالا. وتجميعا كالأتي "كان وسطا بين الطول والقصر، ليس بالطويل البائن ولا بالقصير المتطامن، قوي الجسم، ضخم الرأس، أبيض مشربا بحمرة، سهل الخد، إذا غضب رؤي في جبهته عرق ينتفخ، أزج الحاجبين، عظيم العينين، أدعج، أهدب، كبير الفم كما ينبغي للخطيب المنوه، أسنانه كالبرد، يده كبيرتين طويلة الأصابع، كلمس الحرير، بين كتفيه خاتم النبوة بيضاوي الشكل أحمر اللون تحيط به شعرات، إذا أشار لشيء أشار إليه بجميع يده لا بإصبع أو اثنين، إذا عجب لشيء حمد الله وأدار كف يده إلي السماء، وهز رأسه وعض علي شفتيه، إذا أراد تأكيد شيء قاله ضرب بإبهام يده اليمني علي يده اليسري المبسوطة، وإذا غضب احمر وجهه ومر بيده علي لحيته ووجهه وتنفس الصعداء طويلا، ثم يقول توكلت علي الله خير وكيل، وكان لا يغرق في الضحك فإذا ما اشتد به المرح حجب وجهه بيده، هادئ الخلق، حليم الطبع، لا تكبر فيه ولا خشونة، يحب الأطفال ويلاعبهم ويضمهم إلي صدره، وقد رؤي مرارا يُصف أولاد عمه العباس ليتسابقوا ويعد الفائز منهم بجائزة في اللحاق بأحضانه، والجلوس في حجره، وإذا صافح زائرا لا يسحب يده من يده حتي يردها الرجل إليه، ولم يرفع يده أبدا علي امرأة أو عبد.
متوسط الطول
وكان محمد يحب النساء وكان يقول حبب إلي ثلاث: النساء والطيب وجعلت قرة عيني في الصلاة، وقد عاب عليه الكثير من الأعداء حبه للنساء، وحقا كان محمد رجلا بكل ما في الكلمة من معان خلقية ومادية، غير أن رجولته امتازت بالعفة التي لا تتعارض مع أسباب اللذة البريئة المجردة من الدنس، وإذا كان قد عقد علي ثلاث وعشرين زوجة فإنه لم يتصل إلا بإثتني عشرة منهن، أما الآخريات فتزوجهن لأسباب سياسة محضة، إذ كانت كل القبائل ترغب في شرف مصاهرته، وكان يتطيب بالمسك ويحرق في بيته الصندل والكافور، ويدهن شعره بالدهون ثم يرسله علي أذنيه في أربع خصل اثنتين من كل ناحية، ويقص لحيته وشاربه بمقص ويمشطهما، ويتكحل.
وكان يحلب شاته، ويخصف نعله، ويرقع ثوبه ويطعم إبله، وينصب خيمته ويحمل بنفسه ما يشتريه من السوق وهو صاحب مقولة "صاحب الشيء أولي بحمله" يجوع يوما فيضرع إلي الله ويشبع يوما فيحمده وقال: "اللهم احيني مسكينا وأمتني مسكينا، واحشرني في زمرة المساكين".
ونجد في السيرة النبوية لابن جرير الطبري الأوصاف ذاتها، مع قليل من الإضافة، والكثير من الاتفاق وهي أوصاف منقولة عن روايات بعلي بن أبي طالب: مثل "كان عنقه إبريق فضة، كان له شعر من لبته إلي سرته يجري كالقضيب، لم يكن في إبطه ولا صدره شعر غيره"، ولم يكن بالجعد القطط ولا السبط أي الشعر القصير، ولا شعر الزنج ولا المسترسل.
عظيم الفم
هذه بضع من أوصاف معلم البشرية ويمكن للقارئ الكريم أن يستزيد من الأوصاف والخصال، إذا ما عاد إلي "الرحيق المختوم"، لصفي الرحمن المباركفوري و "الكامل في التاريخ" لابن الأثير و "زاد المعاد" و "البداية والنهاية" لابن كثير، و "سيرة بن هشام" و "الطبقات الكبري" لابن سعد و "تراجم سيدات بيت النبوة" لبنت الشاطئ و "السيرة النبوية" لابن جرير الطبري و "محمد رسول الله.. سيرته وأثره في الحضارة" لجلال مظهر و "مستدرك تاج العروس".

جزاك الله خيرا

» قلبه صلى الله عليه وسلم
» الرسول محمد صلى الله عليه وسلم
» تحميل كتاب يوم في بيت الرسول صلى الله عليه وسلم
» معجزة الرسول صلى الله عليه وسلم : انشقاق القمر
» صور من رحمته صلى الله عليه وسلم

أوصاف الرسول صلى الله عليه وسلم

الدخول